محمدالبياع الـمـديـر الـعــام
عدد المساهمات : 188 تاريخ التسجيل : 22/09/2010 الموقع : البياع سات
| موضوع: تفسر سورة البلد / مكية و آياتها عشرون آية الإثنين 02 سبتمبر 2013, 4:47 pm | |
| تفسر سورة البلد مكية و آياتها عشرون آية
( لا أقسم بهذا البلد ) يقسم الله تعالى بالبلد الأمين , الذي هو مكة المكرمة , أفضل البلدان على الإطلاق . ( و أنت حل بهذا البلد ) قال مجاهد : ما أصبت - يعني الرسول صلى الله عليه و سلم - فيه فهو حلال لك , و قال قتادة : أنت به من غير حرج و لا إثم , و قال الحسن البصري : أحلها الله له ساعة من نهار . و هذا المعنى الذي قالوه قد ورد به الحديث المتفق على صحته : ( إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات و الأرض , فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة , لا يُعضَد شجره و لا يختلى خلاه , و إنما أحلت لي ساعة من نهار , و قد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس , ألا فليبلغ الشاهد الغائب ) . و في لفظ آخر ( فإن أحد ترخَّص بقتال رسول الله فقولوا : إن الله أذن لرسوله و لم يأذن لكم ) رواه البخاري و مسلم . ( ووالد و ما ولد ) قال مجاهد و قتادة و سعيد بن جبير و الحسن البصري و غيرهم : يعني بالوالد آدم , و ما ولد ولده , قال ابن كثير : و هذا الذي ذهب إليه مجاهد و أصحابه حسن قوي , لأنه تعالى لما أقسم بأم القرى و هي المساكن أقسم بعده بالساكن , و هو آدم أبو البشر وولده . و اختار ابن جرير أنه عام في كل والد وولده , قال : و غير جائز أن يخص ذلك إلا بحجة يجب التسليم لها من خبر أو عقل , و لا خبر بخصوص ذلك و لا برهان , يجب التسليم له بخصوصه , فهو على عمومه كما عمه . ( لقد خلقنا الإنسان في كبد ) أي في شدة , يكابد الأمور و بعالجها في أطواره كلها , من حمله إلى أن يستقر به القرار , إما في الجنة و إما في النار . و فيه تسلية للنّبي صلوات الله عليه , مما كان يكابده من قريش , من جهة أن الإنسان لم يخلق للراحة في الدنيا , و أن كل ما كان أعظم فهو أشد نصبا . ( أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ) أي أن لن تقوم قيامة , و لن يقدر على مجازاته و قهره و غلبته , مع أن ما هو فيه من المكابدة يكفي لإيقاظه من غفلته و اعترافه بعجزه . ( يقول أهلكت مالا لُّبَدًا ) أي : كثير , بعضه فوق بعض . و سمى الله تعالى الإنفاق في الشهوات و المعاصي إهلاكا , لأنه لا ينتفع المنفق بما أنفق , و لا يعود عليه من إنفاقه إلا الندم و الخسار و التعب و القلة , لا كمن أنفق في مرضاة الله في سبيل الخير , فإن هذا قد تاجر مع الله , و ربح أضعافا أضعافا ما أنفق . ( أيحسب أن لم يره أحد ) أيحسب أن لم يطلع الله تعالى على باطنه و نيته , حين ينفق ماله في السمعة و الرياء و المباهاة لا على ما ينبغي في مراضي الله , بل قد رآه الله , و حفظ عليه أعماله , ووكل به الكرام الكاتبين , لكل ما عمله من خير و شر . ( ألم نجعل له عينين و لسانا و شفتين ) للجمال و البصر و النطق , و غير ذلك من المنافع الضرورية فيها . قال السيد المرتضى : هذا تذكير بنعم الله عليهم ... و ما تفضل به عليهم من الآلات التي يتوصلون بها إلى منافعهم , و يدفعون بها المضار عنهم . ( و هديناه النجدين ) أي بيّنا له طريق الخير و الشر , و السعادة و الشقاء , بما أودعناه في فطرته و بما أرسلنا به رسلنا و أنزلنا به كتبنا . و نظير هذه الآية قوله تعالى " إنّا خلقنا الإنسان من نُطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا . إنّا هديناه السبيل إمّا شاكرا و إما كفورا " . ( فلا اقتحم العقبة ) قال ابن زيد : أي : أفلا سلك الطريق التي فيها النجاة و الخير . ( و ما أدراك ما العقبة ) أي أي شيء أعلمك ما اقتحم العقبة ؟ و في الإستفهام زيادة تقريرها و كونها عند الله تعالى بمكانة رفيعة . ( فك رقبة ) أي فكها من الرق , بعتقها أو مساعدتها على أداء كتابتها , و من باب أولى فكاك الأسير المسلم عند الكفار. قال رسول لله صلى الله عليه و سلم : " من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل إرب منها إربا منه من النار , حتى إنه ليعتق باليد اليد , و بالرجل الرجل , و بالفرج الفرج " رواه البخاري و مسلم , و قال صلى الله عليه و سلم : " من أعتق رقبة مسلمة كانت فكاكه من النار , عضوا بعضو " صححه الألباني . ( أو إطعام في ذي مسغبة ) قال ابن عباس و عكرمة و مجاهد و الضحاك و قتادة و غير واحد : ذي مجاعة , و السَّغب : هو الجوع , قال إبراهيم النخعي : في يوم الطعام فيه عزيز . فيطعم وقت الحاجة أشد الناس حاجة . ( يتيما ذا مقربة ) أي أطعم في مثل هذا اليوم يتيما ذا قرابة منك , قال السيد المرتضى : و هذا حض على تقديم ذوي النسب و القربى المحتاجين , على الأجانب في الإفضال . قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " الصدقة على المسكين صدقة , و على ذي الرحم اثنتان , صدقة و صلة " . صححه الألباني . ( أو مسكينا ذا متربة ) أي فقيرا مُدقعا لاصقا بالتراب من الحاجة و الضرورة , قال ابن عباس : " ذا متربة " هو المطروح في الطريق الذي لا بيت له , و لا شيء يقيه من التراب , و قال عكرمة : هو الفقير المديون المحتاج , و قال سعيد بن جبير : هو الذي لا أحد له . قال ابن كثير : و كل هذه - الأقوال - قريبة المعنى . ( ثم كان من الذين آمنوا ) أي : ثم هو مع هذه الأوصاف الجميلة الطاهرة , مؤمن بقلبه , و يعمل الصالحات بجوارحه من كل قول و فعل , واجب أو مستحب , محتسب ثواب ذلك عند الله عز و جل , كما قال تعالى " و من أراد الآخرة و سعى لها سعيها و هو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا " , و قال " من عمل صالحا من ذكر أو أنثى و هو مؤمن " . ( و تواصوا بالصبر ) على طاعة الله و عن معصيته و على أقدار الله المؤلمة بأن يحث بعضهم بعضا على الإنقياد لذلك , و الإتيان به كاملا منشرحا به الصدر , مطمئنة به النفس . ( و تواصوا بالمرحمة ) للخلق , من إعطاء محتاجهم , و تعليم جاهلهم , و القيام بما يحتاجون إليه من جميع الوجوه , و مساعدتهم على المصالح الدينية و الدنيوية , و أن يحب لهم ما يحب لنفسه , و يكره لهم ما يكره لنفسه , أولئك الذين قاموا بهذه الأوصاف , الذين وفقهم الله لاقتحام هذه العقبة ( أولئك أصحاب الميمنة ) لأنهم أدوا ما أمر الله به من حقوقه و حقوق عباده , و تركوا ما نهوا عنه و هذا عنوان السعادة و علامتها . ( و الذين كفروا بأياتنا ) أي بأدلتنا و أعلامنا من الكتب و الرسل و غير ذلك من آيات الأنفس و الآفاق , التي بكل يرتقي إلى معرفة الصراط التي يجب الإستقامة عليه في الإعتقاد و العمل . ( هم أصحاب المشئمة ) أي الشؤم على أنفسهم , أو جهة الشمال التي فيها الأشقياء , قال الإمام : أهل اليمين , في لسان الدين الإسلامي عنوان السعداء , و أهل الشمال عنوان الأشقياء . ( عليهم نار مؤصدة ) أي : مطبقة عليهم , فلا محيد لهم عنها و لا خروج لهم منها , و هي كناية عن حبسهم المخلد فيها و سد سبل الخلاص منها . أجارنا الله و إياكم بفضله و كرمه منها
| |
|